تعرف على مدينتي تارودانت

 

Taroudant 7

 

 


الفتح الإسلامي وعصر الولاة

لا نعلم الكثير عن أخبار تارودانت قبيل الفتح الإسلامي ولكننا، مع ذلك، نجد في سياق حديث المؤرخين ما يفيد أنها كانت مركزا لقيادات محلية تتزعم قبائل سوس، ولذلك فإن دخول قادة الفتح إلى المدينة كان يعني إذعان البربر والسيطرة على بلادهم . ولكن هذا الغموض يبدأ في الزوال نسبيا مع وصول طلائع الفتح الإسلامي، حيث نعلم أن الإسلام وصل إلى تارودانت على يد عقبة بن نافع الفهري أثناء ولايته الثانية سنة 62هـ، حيث " انتهى إلى تارودانت وهزم جموع البربر". ثم دخلها بعده موسى بن نصير أثناء ولايته ( 86-89هـ).
وعندما تولى عبيد الله بن الحبحاب أمر المغرب ( 114هـ )عين ابنه إسماعيل على سوس وأنزله    في تارودانت واتخذها دار إقامته 


من خلال أخبار الفتح الإسلامي لسوس تتأكد مكانة تارودانت كعاصمة للإقليم ومتجمعا لقبائله، ومستقرا لولاته، وبذلك تستمر في لعب دورها كمركز إداري   وكمحور مستقطب لمختلف الأنشطة بهذا الإقليم .ا


لكن من كل تلك الأخبار يتأكد كذلك سوء معاملة قادة الفتح وولاتهم للقبائل الأمازيغية، حيث أمعنوا في سبي النساء، وفرض المغارم، والجور في الأموال. وكان ذلك سببا في انضمام تارودانت إلى ثورة الخوارج التي تزعمها ميسرة المطغري سنة (121هـ/739م)16. وفي أخبار هذه الثورة تتأكد من جديد المكانة الإستراتيجية لمدينة تارودانت، وأهميتها في السيطرة على سوس والتحكم في قبائله. حيث بمجرد أن نجح الثوار في السيطرة على طنجة والقضاء على عامل الأمويين بها عمر بن عبيد الله المرادي، تمت مبايعة عبد الأعلى بن جريح، الذي سارع إلى الزحف على سوس بجيوش الثوار الخوارج فدخل تارودانت وقتل عامل السوس إسماعيل بن عبيد الله بن الحبحاب. وقد انحسر نفوذ الخلافة الإسلامية بالمشرق عن سوس وعن عاصمته تارودانت منذ هذا التاريخ بصفة نهائية

مع هذه الأحداث ستدخل أخبار تارودانت في دوامة من الغموض والاضطراب، وبصفة خاصة بعد أن دخلت تحت نفوذ البرغواطيين على يد أميرهم إلياس بن صالح ( 128-176هـ)18. فقد جرت عادة المؤرخين الرسميين على النفور من الحديث عن أهل المذاهب الثورية، والمعارضة للدولة التي يعيشون في كنفها، فلا تدخل عندهم حيز التاريخ إلا اضطراراً مع ما يلحق أخبارها عندهم من بتر وتشويه